سيناريو فيلم وثائقي: مميزاته، وخطوات كتابته بجودة عالية
ما هي أول كلمة تتبادر إلى ذهنك عندما تسمع مصطلح “فيلم وثائقي“؟ هل تتخيل فيلم التايتانيك مثلاً؟ لا أعتقد ذلك!
لسوء الحظ، عندما يفكر معظم الناس في الأفلام الوثائقية، فإنَّهم يتخيلون مجموعة لقطات تُجمع معًا بترتيب متعمَّد، مع إضافة شيء من الكلام والموسيقا إليها.
لكن وفي الحقيقة، يجب أن تُعدّ سيناريو فيلم وثائقي مقنع، يثير حماسة المشاهدين لمحتواه، حاله حال أي سيناريو فيلم مميز يُرشّح لنيل جائزة ما. في هذا المقال، سنتعرف إلى مميزات الأفلام الوثائقية وأنواعها، وإلى خطوات كتابة فيلم وثائقي عالي الجودة؛ فاقرأ بتمعُّنٍ السطور الآتية.
كتابة سيناريو فيلم وثائقي على نحوٍ صحيح
توجد بعض أنواع الأفلام الوثائقية التي يمكن التعمق في كتابتها أكثر من غيرها. في بعض الأحيان تلبي السيناريوهات بأشكال معينة في مراحل معينة من إنتاج الأفلام الوثائقية رغبةَ المنتجين والمحررين، وليس صانعي الأفلام الفعليين.
ربما تكون القدرة على التنبؤ – أو التحكم – بمثل هذه الأفلام هي ما يجذب أولئك الذين يتحكمون بالمال في صناعة الأفلام.
يعتمد نوع الكتابة الوثائقية التي عليك كتابتها على نوع الفيلم الوثائقي الذي تُعِده؛ فأنت بوصفك صانعًا للأفلام، أنت من يجب أن يكون مؤلف الفيلم. وبوصفك مؤلفًا له، فأنت أيضًا – في الفيلم الوثائقي – يجب أن تكون الكاتب، أي من يُخرج نصًّا وثائقيًّا مكتوبًا. وتتمثل مسؤوليتك في التأكد من أنَّ القصة الجيدة تُنتج وتُعرض بصدق وتفانٍ على الشاشة.
يمكن كتابة نص وثائقي تاريخي من الألف إلى الياء بسبب طبيعته البحثية والدلالية، في حين أنّ كتابة سيناريو فيلم وثائقي ليس كسيناريو فيلم خيالي. يجب أن تأتي الاكتشافات الواقعية والحقيقية في مكانها الصحيح في أثناء عملية التصوير، وفي أثناء عملية الإنتاج نفسها.
اقرأ أيضًا: ما هي أفضل أنواع عدسات التصوير السينمائي
يعرف صانعو الأفلام الوثائقية جيدًا أنَّ النوع الخاطئ من السيناريوهات قد يحد من فرص نجاح الفيلم، ويقلل الخِيارات في أثناء مرحلة الإنتاج الفعلي.
ما هي أنواع سيناريو الفيلم الوثائقي؟
إنّ لسيناريوهات الأفلام الوثائقية أنواعًا عديدة، وفيما يأتي نذكر 6 منها:
-
السيناريو الشعري:
يتجنَّب الفيلم الوثائقي الشعري الاستمرارية الخطية لصالح المزاج أو النغمة ولغة الخطاب، أو التجاور بين الصور.
ونظرًا إلى أنَّ الأفلام الوثائقية الشعرية غالبًا ما تحتوي على القليل من المحتوى السردي – أو قد لا تحتوي بالمطلق – فغالبًا ما يُطلب من مدير التصوير التقاط صورٍ مذهلة بصريًّا يمكن أن تحكي قصة دون سياق لفظي إضافي.
-
السيناريو التفسيري:
تعرِض الأفلام الوثائقية التفسيرية وجهة نظر أو جدالًا محددًا حول موضوع ما، وغالبًا ما تحتوي على راوٍ للأحداث. بالنسبة إلى الأفلام الوثائقية التفسيرية، يكون المصور السينمائي مسؤولًا عن جمع اللقطات التي تدعم وتعزز الحجة المنطوقة للفيلم.
-
السيناريو التشاركي:
تتميز الأفلام الوثائقية التشاركية بالتفاعل بين صانعي الأفلام الوثائقية والموضوع المطروح؛ لذا يكون المصور مسؤولًا عن تصوير مقابلة، وفي نفس الوقت يؤدي دور المحاور، ويكون هو الشخص الذي يُحاوَر أو تُجرى المقابلة معه؛ أي أنَّه يسرد روايته من خلال مقابلة مصورة.
-
السيناريو الرّصدي:
تحاول الأفلام الوثائقية الرصديّة – وهي نمط من الأفلام الوثائقية تتبناه السينما الواقعية – اكتشاف الحقيقة المطلقة لموضوع الفيلم من خلال مراقبة الحياة الواقعية دون مقاطعة.
غالباً ما يُطلب من مصممي السينما في الأفلام الوثائقية الرصدية ألا يتدخلوا قدر الإمكان لكي تكون شخصيات الفيلم في حالتها الطبيعية في أثناء التصوير.
-
السيناريو الانعكاسي:
الأفلام الوثائقية الانعكاسية تركز على العَلاقة بين المخرج والجمهور؛ أي على عملية صناعة الأفلام الوثائقية بحد ذاتها. لذا يوثّق المصور في الفيلم الانعكاسي صناعة الأفلام عبر تصوير لقطات من وراء الكواليس لعملية إنتاج فيلم ما، يتضمن ذلك إجراء بعض المقابلات مع صناع العمل بعد انتهاء عملية الإنتاج.
-
السيناريو الأدائي:
تركز الأفلام الوثائقية الأدائية على مشاركة المُخرج في موضوعها من خلال عرض تجربته أو صلته بالموضوع لتكون نقطة انطلاق لاكتشاف حقائق أكبر عن التاريخ أو السياسة أو فئات من الناس.
15 فكرة من أجل سيناريو فيلم وثائقي فريد
- التَّغيُّر المناخي.
- التلوث البيئي.
- إعادة التدوير.
- الطاقات المتجددة.
- الصحة العقلية وعَلاقتها بالتكنولوجيا.
- الرعاية الصحية.
- المواد الأفيونية في الأدوية.
- تعاطي المخدِّرات.
- التدخين والسجائر الإلكترونية.
- تقنين الماريجوانا.
- الهجرة غير الشرعية.
- الحروب والنزاعات.
- الخصوصية والأمن السيبراني.
- التكنولوجيا والتعليم.
- جرائم غامضة.
ما هي خطوات كتابة نموذج سيناريو فيلم وثائقي؟
-
جِد قصة تستحق أن تُروى
لماذا اخترت أن تكتب فيلمًا وثائقيًّا؟ ما الذي تأمل أن تُخبر الآخرين به؟ ولماذا أنت هو الشخص المثالي لرواية هذه القصة؟ هذه جميع الأسئلة التي يجب أن تجيب عنها من أجل أن يحظى نصك بقبول المنتجين أو المنتجين التنفيذيين.
حين تجيب عن تلك الأسئلة بنفسك، سيقودك هذا إلى قصة تشعر بشغف تجاهها؛ ومن ثَم ستكون قادرًا على تخيُّلها وهي تتجاوز مراحل العملية الطويلة لصناعة الأفلام الوثائقية. وبمجرد الإجابة عنها، تبدأ المهمة الشاقة المتمثلة في البحث بحثًا عميقًا في المواد التي ستقودك إلى القصة الأولية؛ وفي النهاية ستقودك إلى سيناريو أو نص فيلم وثائقي.
-
أكثِر من البحث
البحث هو أهم مرحلة قبل الإنتاج، وهو أساس السيناريو الذي ستكتبه. في كثير من الأحيان، عندما نبدأ في النظر في موضوع ما، يتبادر إلى أذهاننا أفكار كثيرة. وهذا يعني أنَّنا بحاجة إلى التعمق في الموضوع، ليس فقط من أجل تثقيف الجمهور؛ ولكن أيضًا من أجل مفاجأته وإمتاعه. هذه المفاجأة تكون مِفتاح كتابة سيناريو مثير للاهتمام.
-
ضع مخطَّطًا لنصّ الفيلم الوثائقي
حان أوان تنظيم عملية إيصال القصة إلى جمهورك. يمكن أن يكون ذلك عبر مخطط بسيط مكونٍ من مجموعة من الأحداث المتسلسلة، والتي تكون مشاهد مفصلة تُظهر كيفية عرض الفيلم.
عندما يكون مخطط التسلسل هذا واضحًا، فإنَّ تصوُّر تفاصيل الأحداث سيكون أسهل بكثير؛ وذلك لأنَّك تكون قد عرفت ما تسعى إليه.
اقرأ أيضًا: مونتاج فيديو احترافي: 9 خطوات تجعلك محترفًا
-
ابدأ بكتابة سيناريو الفيلم
أنت هنا ستعمل بصورة عكسية؛ فتلك هي الطريقة الوحيدة لكتابة سيناريو فيلم وثائقي. أي أنَّك وبمجرد أن تُجري أبحاثك، وتحصل على بياناتك وتصوِّر مقابلاتك؛ عندها فقط يمكنك كتابة السيناريو.
من دون البحث، سيكون من المستحيل تصوُّر ما سيقوله الشخص الذي تُجرى المقابلة معه، وكيف يرتبط ذلك برسالتك. وبمجرد حصولك على جميع الحقائق والمواد، يمكنك البدء بكتابة السيناريو.
-
أَلْزِم مشاهديك بتتبع ما ترويه إليهم
يجب أن يندمج المشاهدون في مشروعك. ومن الناحية العاطفية، سيفكُّ المشاهدون شيفرات المسألة التي تطرحها عليهم عندما تجعل الأحداث مترابطة في أذهانهم.
لذا يرغب كل مشاهد في أن تنقله بفيلمك إلى مكان آخر، وأن ينظر من خلال عيون جديدة، ويتعلم شيئًا جديدًا، ومن ثَم يتحفز ويتأثر بتلك المعلومات.
-
أخبرهم بوجهة نظرك
إنَّ تقديم الحقائق والوقائع لا يكون دائمًا شيئًا واضحًا وغير متحيز. هذا لا يعني أنَّ المخرجين والمنتجين يتلاعبون بمسار الأحداث بطريقة معينة؛ ولكن تظل هنالك بعض المعلومات التي لا تُعرض.
إذن، ما الذي تريد أن ينقله فيلمك الوثائقي؟
عندما تكون رسالتك الموضوعية محددة جيدًا، يَسهُلُ عليك عرض السيناريو وتجميعه وإنتاجه، ويكون أكثر وضوحًا للجمهور بغض النظر عما إذا كانوا يتقبلون وجهة النظر المطروحة أو لا؛ وهو على أقل تقدير، يُعطي الجمهور شيئًا يُفكرون فيه.
-
كُن دقيقًا فيما تكتبه
كن دقيقًا في كتاباتك وتعليقاتك الصوتية. يُعدُّ وجود نص وثائقي مكتوب وإعادة كتابته جزءًا من عملية تجهيز السيناريو، إذ تستمر في تحديد رسالتك، وتنقيح قصتك. أما إذا كنت تستخدم راويًا، فقد تُضطر إلى إعادة التكيف مع أسلوب الراوي.
في بعض الأحيان، وفي أثناء تدقيق الحقائق، قد تكون هنالك بعض التناقضات، لذا يجب عليك التأكد من أنَّ كل ما تقدمه إلى المشاهد دقيق ويعكس مصداقيتك.
في الختام
تمامًا مثل أي شيء آخر، لا يمكن أن تتقن كتابة سيناريو فيلم وثائقي إلا بالتدريب والممارسة، بما في ذلك تلقي بعض التعليقات والنصائح من المحترفين. فالأفلامُ الوثائقية لا تركز على تتبع مسار البشرية، بل هي باب مفتوح إلى طبيعتنا، وإلى ما يُحفزنا ويُضحكنا ويبكينا حزنًا كان أو فرحًا. فهي أحداثٌ حقيقية تتعامل مع أشخاص حقيقيين وقضايا حقيقية قوية تمسُّنا في الصميم؛ لذا دع كتاباتك تعكس تلك الرسائل العميقة والمؤثرة، وتَخلِب ألباب جمهورك وعواطفهم.